lundi 21 mars 2011

تزغين كبدانة

ما أعظم مايخالج الإنسان من شعور غريب ينطق من الأعماق ليخرج إلى العلن عندما يحاول المرء منا أن يكتب عن موضوع قد تراوده الفكرة مدة سنوات ولا يجرؤ على اخذ القلم ليحدد ملامحه . الحديث عن الآباء والأجداد وعن الدوار الذي عاشوا فيه قد يكون من الصعوبة بمكان لان الفطرة الزمانية أو الحقبة المتباعدة قد تكون السبب في إهمال الموضوع إلى حد ما. تكريما لأجدادي وأعمامي وزوج منهم لازالا على قيد الحياة وتكريما كذالك لأبي وارصاءا للروابط العائلية التي لاتزال تمتد إلى ما شاء الله. تزغين أو قبيلة كبدانة هي الدوار الذي عاشت فيه العائلة مثل جدي وعائلته .هذا الدوار هو مجموعة من المنازل المتناثرة بين هضاب وجبال قليلة الارتفاع وأودية جافة لاتزورها الأمطار إلا موسميا يتوسطها مسجد قديم البناء لازالت تقام فيه الصلاة إلى يومنا. كما ان وسائل المواصلات من طرق وكهرباء لاتزال لم تجد لها طريقا الى هذا الدوار. ساكنة هذا الدوار لا تزيد على أربعين عائلة في مجموعها.تزغين كبدانة تبعد عن الميناء المرفئي رأس كبدانة على البحر الأبيض المتوسط بحوالي بضع كيلومترات إلى الشرق و تبعد كذالك عن وادي ملوية الى اليسار في اتجاه المصب قرب مدينة السعيدية ببضع كيلومترات.والطريق إليها غير معبد ومشكل التزود بالماء مطروحا بشكل ضاغط على الساكنة إلا ما كان من بئر جماعية ذات محرك بنزين و بصيب ضعيف لا يلبي حاجة استهلاكهم على نفقة السكان أما الجماعة القروية فما أظنها قامت بمجهود ما. أما النشاط السكاني فهو الفلاحة وتربية المواشي. دوار تزغين هو عبارة عن مجموعة من المنازل( الاحواش)المترامية الأطراف و المتناثرة بين سفوح الجبال والهضاب وبطون الأودية ومنها من هجرها أصحابها منذ زمن بعد أن كانت تعج بالحياة قبل ثلاثين سنة خلت. إن شبح الهجرة قد خيم على هذه القبيلة الكبدانية التي لاتملك من مقومات الحياة الأساسية شيئا. من أهم الأشجار المتوفرة بكثرة لأنها تقاوم الجفاف أشجار الخروب والتين والتين الهندي وقليل من مغروسات العنب وكل هذه الفواكه تمتاز بمذاقها الحلو اللذيذ وهي لاستقى إلا بماء الأمطار الموسمية عندما تجود بها السماء. في إطار النشاط ألفلاحي يمكن ذكر الزراعة الموسمية من شعير وقمح وذرى وبطيخ احمر(الدلاح)والبطيخ العادي الأصفر والقطاني من فول وعدس ولوبيا وجلبانة و لها مكانتها في هذا النشاط الذي يعد مردوده الاقتصادي ضعيفا ولذالك يعتمد اغلب السكان على العمل خارج ميدان القرية لتحسين المرد ودية مقابل تغطية ضعف الإنتاج ألفلاحي لموسم كامل. ولتأثيث الفراغ الاقتصادي يشتغل بعض الساكنة بتربية الماشية ولم تزدهر نظرا لقلة الكلأ من الحشائش والأعشاب الطبيعية الصالحة لتغذية المواشي ولهذا لايمتهنها إلا أقلة من الفلاحين وذالك لغلاء العلف. لماذا تخلفت تزغين كبدانة اجتماعيا واقتصاديا؟ إداريا هذه القرية هي اقرب إلى مدينة بركان منها إلى الناظور ومع ذالك الحقت بإقليم هذا الأخير.إن وسائل الحياة العصرية غائبة عن القرية وكأنها تعيش في القرون الوسطى لا مدرسة للأطفال قريبة ولا مستوصف للاستشفاء قريب ولا طرقا سالكة لتسهيل التنقل ولا ماءا صالحا للشراب ولا كهرباء لتسهيل العيش في هذه القرى .عجبي لأناس لا زالوا متشبثين بالعيش في هذه الأماكن النائية نظريا عن المدنية و الحضارة ربما لا لشيء إلا لأنهم يحبون قريتهم ويجلونها ويصمدون في وجه الزمان من اجل أن لا تنكب قريتهم وتفرغ من سكانها لصالح الغربان. جغرافيا لا تبعد عن مرفأ ميناء الصيد رأس كبدانة وبه مقر الجماعة القروية إلا ببضع دقائق إلا أنها لم تأخذ حقها من التنمية المحلية. إن الإهمال الذي طال تزغين كبدانة لا يمكن تفسيره بأي حال من الأحوال لان الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للسكان تدل على أن البرامج التنموية التي تتبناها الدولة لا علم لهم بها .هذه القرية من أجمل القرى خاصة في الصيف حيث تمتاز هذه المنطقة بمناخ البحر الأبيض المتوسط المعتدل الجميل. هذه المنطقة من المناطق التي لو اهتمت بها مؤسسات الدولة للتنمية الفلاحية والسياحية الجبلية لكانت من أجمل القرى خاصة قربها من البحر ومن الجبال لقد عانت قرية تغزين كبدانة ما فيه الكثير وقد حان الوقت للالتفات الى هذا العالم القروي البئيس وإخراجه من العزلة الظالمة الى عالم القرن الواحد والعشرين ولا يمكن التمادي ونسيان مجموعة بشرية مهمة من المغاربة خارج العصر .إن اقل ما يمكن فعله هو إمداد الفلاحين بالمساعدات المادية لتثبيت الإنسان في أرضه والتقنية من اجل تطوير مجال الفلاحة وتربية المواشي على اختلاف أنواعها.قد يكون هذا العامل مثبتا لأهل الأرض . ماعدا ذالك فان القرى المغربية مقبلة على هجرة لامثيل لها وقد تنفصل الروابط الأسرية

بشكل كبير يصعب جبره. وأخيرا أرجو من كتابي هذا أن تمتد أيد الدولة لإصلاح ما أفسده الدهر لان هذه الشريحة من المواطنين يتمسكون بأرضهم ولا تستهويهم الهجرة إلى المدينة.إذن اقل ما يمكن فعله النظر إليهم ومساعدتهم ماديا واقتصاديا واجتماعيا قبل أن تفرغ قرانا ما دام هناك أناس يسكتونها قبل تركها للغربان والبومات. أهل هذه القرى يستحقون الالتفاتات الوطنية التي قد تحل كثيرا من أزماتهم اليومية . لأنه لا معنى أن ينتظر الفلاح نزول الأمطار الموسمية وإذا ندرت عاب رزقه وأصبح في مهب الرياح وضاعت عليه سنة من الجهد والعمل الكاد بدون نتيجة تذكر . حق المواطن والواجب الوطني القانوني ان تعوض هذه الشريحة لأنها تستحق الاعتناء والعناية .كفى من تجاهل المواطن القروي.المغرب لنا كلنا ولا احد له أكثر من الأخر.هذا وطننا وهذه قرانا ومساقط رؤوس أبائنا وأجدادنا . ولا يجب أن نقول نحبك أيها المغرب و نخرص.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire