jeudi 24 mars 2011

الانسان ما بين النعمة والنقمة و التسخط

قال عز من قائل ( وتلك الأيام نداولها بين الناس) صدق ربي العظيم. وفي أحاديثنا نقول إن فلانا يرفل في النعم وآخر يعاني من النقم وثالث يمتهن التسخط. إذن ما هو الفرق بين حالات الأشخاص الثلاثة؟ يمتاز الإنسان عن سائر الحيوانات بالفكر وتقدير النعم وتقويم الخطأ وتجنب التسخط في كثير من الأحوال. وليعلم الناس أن الخالق واحد والرازق واحد والمعذب بذنوبهم واحد فلا مجال للمراوغة لأنه يعلم السر وما أخفى. قال تعالى ( ولئن شكرتم لازيدنكم) إن شكر الله من الإيمان الصحيح لدى المرء ولهذا وجب شكره وحمده في كل وقت وحين دون كلل ولا ملل لأن الله يحب أن يشكر العبد مولاه على النعم التي أنعمها عليه دون غيره مصداقا لقوله ( وفضلنا بعضكم على بعض في الرزق)كما ان الشكر واجب حتى بين الناس أنفسهم لان من لم يشكر الناس لا يشكر الله. ويجب تداوله ليصبح ثقافة مجتمعية وميزة من مميزاته الخاصة. (و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) صدق الله العظيم. كل ما يملك الإنسان وما يتمتع به على سبيل المثل لا الحصر من بصر وسمع ونطق إلى أيد وأرجل وعقل ليس ملكا له وإنما هو ملك للخالق وحده دون منازع في إبداعه الذي لا يشبهه إبداع يشترك فيه الخالق مع المخلوق.من جهة أخرى نرى كيف أن الله الخالق البارئ الذي خلق الإنسان ومكنه بوسائل العيش على الأرض إذ لم يخلقه دون وسائل تمكنه من القيام بالنشاط في مناحي الحياة المختلفة قصد حصوله على وسائل الإنتاج وإبداعه واكتشافاته. الإنسان هو الأكثر جدلا من سائر المخلوقات. كما انه يسر له وسخر له كثير من الدواب والإنعام وسخر له الشمس والقمر والرياح والبحار دون مقابل مادي على غرار المتداول بين الناس. لا يريد رزقا من احد لأنه هو الرزاق ولا إطعام من احد لأنه الطاعم للبشر وسائر المخلوقات. نستنتج مما سبق ان الله لم يخلق ما على الأرض من بشر وشجر وحيوان ومخلوقات لا يعلم عددها ومأواها ومستودعها إلا هو لأنه جدير بذالك. هناك مخلوقات لم تخلق من تراب كالبشر وإنما من نار مثل الجن والعفريت ثم مخلوقات من نور كالملائكة وسر هذا كله هو انه لا يعلم عددها إلا هو لأنه الخالق البريء المصور. يجب ان لا نستغرب لخلق الإنسان وسائر المخلوقات التي يسرها لنا لأنه يقول في محكم كتابه ( لخلق السماوات والأرض اكبر من خلق الإنسان ) هنا تتجلى عظمة الواحد القهار. من باب قياس الأشياء لتقريبها إلى فهمنا نرى اليوم التقدم التكنولوجي الذي وصلت إليه البشرية بصفة عامة حيث أصبحت آلة الحاسوب تنجز ما يساوي ألف مليار عملية حسابية في ظرف ثانية. أضف إلى ذالك التقنيات الفضائية التي نراها يوميا وتتطلع بها علينا وسائل الإعلام. السؤال الواجب طرحه هو إذا كان هذا حال التقنية البشرية التي وصلت إليها بالمجهود الفكري فما بالك بمن خلق هذا الفكر في الإنسان؟ لله العظمة . بديع السماوات والأرض ليس كمثله شيء يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار. من المستحيل أن يقوم أيا كان بعملية جرد حسابية للنعم التي أعطاها الله للإنسان مهما استعان بأكابر الحواسب الضخمة العملاقة ولو اجتمعت لذالك ولمدة أطول ولو تحالف لذالك سكان الأرض السابقون واللاحقون لانجاز خذا العمل ما فقهوه وما توصلوا إلى نتيجة تذكر مصداقا لقوله تعالى (و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) أما الشق الثاني في هذا الموضوع فهو النقمة وفي شرحها البسيط فهي ضد النعمة وكل ما يدخل في شرح دائرة المفردات المتعلقة بها . ليس من الصحيح أن كل ما يحل بالإنسان من دوائر الزمان ونوائبه نقمة على البشر كما أن الكوارث الطبيعية التي يبتلى بها الناس من زلازل قوية وأمطار طوفانية و وأمواج بحرية هائلة ورياح عاتية ونقص في إنتاج الغلات الفلاحية وانتشار ظاهرة الجفاف المستمر كل هذه المظاهر لا يمكن اعتباره نقمة في حد ذاتها ولكن هو امتحان للصبر على البلاء لامتحان قوة الإيمان لدى الإنسان. من جهة ثانية يمكن احد افراد العائلة وان كان راعيا لها لا يمكن اعتباره نقمة لان الله هو الفاعل الأصلي وهو الرازق لكل الناس دون استثناء. والابتلاء نوع من أنواع تصريف القدر و المسلم المؤمن كلما انتهى من صلاته إلا ويختمها بالدعاء( اللهم إنا لا نسألك رد القدر ولكن نسألك اللطف فيه ) و من حسن إيمان المؤمن أن يؤمن بالقدر شره وخيره وهذا ركن من أركان توحيد الله وعدم الغضب على ما كتب الله له. وقد يضجر الإنسان مما يحدث له من المصائب فما عليه إلا أن يوكل أمره إلى الله وهو أفضل ما يمكن للعقل استحضاره خلال المصاب وان يقول إنا لله وإنا إليه راجعون. هنا وجب شكر الخالق لان الإيمان بواطنه لا تظهر إلا في الظروف القاسية على الناس.و التمتع بالنعمة لا يلغي الصبر على النقمة كلاهما صادران من منبع واحد الهي كريم وغفور. إذن لاحتساب الأجر عند الله لابد من الرجوع الى المنبع الأصلي وهو طلب التوبة الى التواب ونكران ما تسبب في نقمة الله والعدول عن ارتكاب المظالم لأنها قد تكون وبالا على الجميع قصد تصفية القلوب من الشوائب و تزكية النفوس للإصلاح. أما النقطة الأخيرة وهي التسخط وتشرح بعدم الرضا عن أمر القادر ومجا حداته والمغالات في إظهار القوة الإلهية بمظهر الشر والقدر بالغير المنصف في حقه. قد يكون هذا الثوران الفعلي الغير متزن يؤدي مباشرة الى الكفر بنعم الله الأخرى مثل البصر للتذكير فقط. إن المؤمن لا محل عنده للتسخط لأنه جحود بأمر الله. لعل يمكن استخلاصه مما سبق أن النعمة يجب التمتع بها وشكر الرازق عليها والنقمة يجب التبصر فيها وإبعاد او الابتعاد عما يوصل اليها اما التسخط فلا يمكن للمسلم المؤمن ان يتصف بهذه الصفة لأنها من القبائح وقد تصبح من الكبائر لعدم التبصر قبل فوات الأوان.نسال الله ان يمتعنا بنعمه وان يقينا من نقمه وان يجنبنا التسخط على قدره.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire