vendredi 18 mars 2011

الأحزاب السياسية والمواطنة

من مقتضيات العصر الحديث لتسيير أمور الدولة ان يكون لها جهاز سياسي قادر على تصريف الأعمال وتنفيذ المشاريع التي يشرعها البرلمان . لا تكتمل الصورة الديمقراطية لتدبير أمور الدولة إلا إذا كانت المجالس التشريعية منتخبة. ولعله الفرق بين دولة ديمقراطية وأخرى غير ديمقراطية أي استبدادية. بعد الثورة الفرنسية سنة1789 التي قام بها الفرنسيون ضد الإقطاع ونفوذ الكنيسة وانقشاع عصر الأنوار بفضل المفكرين الفرنسيين أمثال جان جاك روسو ومونتسكيو واستقلال أمريكا سنة 1777 أصبحت هذه العدوى المحمودة تسري بين القارات وتفتح الأبواب الموصدة من حقب بعيدة إلا أن بعض الحكام لم يستوعبوا لحد الآن ماهية ما يجب أن تكون عليه بلدانهم . طبعا اذا كان من أسس الديمقراطية الأحزاب السياسية التي تنتج الحكومات التي تأتي كنتيجة للانتخابات وتتحمل المسؤوليات . وما يهمني الآن هو إلقاء الضوء على الأحزاب السياسية المغربية على أنها من الاهمة بمكان بالنسبة إلى الأوضاع التي آلت إليها الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في وطننا المغرب. لعل السبب هو ان هذه الأحزاب الوطنية الحالية قد استوفت مدة الصلاحية في أغلبيتها باستثناء البعض فان اغلبها انشيء في الخمسينات من القرن الماضي. ولم تجدد دماؤها ولم تلقم بعناصر من الشباب إلا ما ندر. خاضت الأحزاب السياسية عدة انتخابات ابتداء من 1963 أي مباشرة بعد تسلم المرحوم الحسن الثاني مقاليد الحكم في المغرب. في مستهل العشرية الثانية من القرن الأول من الألفية الثالثة لم تعد هذه الأحزاب تقنع أحدا من المغاربة نظرا للأسباب التالية

ا) جل الأحزاب المغربية تملك إدارة عاجزة عن مسايرة التطور الديمقراطي الحديث .عجز أطرها ومسيريها صحيا لم يمكنها من مسايرة الأحداث الوطنية والدولية. محاولة توريث الأحزاب ومؤسساته للأبناء والأحفاد وأفراد العائلة والأقارب لا تساعد على تطوير الأحزاب لتحمل المسؤولية داخل مؤسسات الدولة. كما أن أسرية الأحزاب هي الغالبة وهي التي تتحكم في مصير الحزب بالإضافة إلى انعدام النزاهة والثقة في الأعضاء المنخرطين لكونهم يحسنون اقتناص الفرص واستغلال المواقف لخدمة المصالح الشخصية عوض العامة او الحزبية.في ظل هذه الوضعية المزرية بحيث لا يستطيع إطار حزبي أن يقنع منخرطيه للتصويت لصالحه فكيف يمكن إقناع المواطن بالتصويت لصالح المرشح؟كما أن التزكيات عليها علامة استفهام غامضة يصعب الجواب عليها. كل الأحزاب التي شاركت في الحكومات السالفة آلت إلى الفشل. لعل السبب بسيط جدا هو أن المصداقية الحزبية والاستعداد لخدمة المجتمع لم تكن في الموعد نظرا للمحسوبية الزبونية التي تفشت في الوسط الحزبي بطريقة فاضحة.

ب) ما العمل؟ وكيف؟ أول عمل يجب القيام به من اجل إخراج الحزب المغربي من الورطة التي يتخبط فيها بالنسبة إلى أغلبية الأحزاب دون استثناء جددها عن أقدمها. إذن تنظيف البيت الحزبي أصبح من الأمور البديهية والأولوية الفارضة نفسها على أطرها ومؤسسيها وان كان اغلبهم قد غيبتهم المنية. يجب على الحزب ان يفرز نخبة جديدة من الشباب الواعد الذي يستطيع تحمل المسؤولية الحزبية والحكومية ان اقتضى الحال. لأننا عندما نلاحظ ان غالبية المغاربة لم يصوتوا في انتخابات 2007 . حيث لم تتعدى نسبة المشاركة 20 في المائة. أين بقية الأصوات؟ الجواب ابسط مما نظن هو أن أصحاب الأصوات كانوا إما في الشواطئ يستحمون او في الحدائق او الغابات يتنزهون أو في بيوتهم يتفرجون على مسلسل الانتخابات لأنه لم يقتنع احد بهم. ما لم يكن هناك جهاز للمحاسبة والمقاضاة وإنزال العقاب بمختلسي المال العام ومساواة المغاربة أمام القضاء غنيهم وفقيرهم لا فرق بينهم. كما أن إدراك المغاربة لمعنى حق المواطنة حقوقيا وواجبا سيسهل الأمر فيما بعد بإقناعهم أن التغيير قد وقع. بدليل وجود برامج ومناهج وعي سياسي لتشكيل الرأي العام الذي سيشترك في الاقتراع العام لأجل إخراج حكومة ذات أغلبية تتحمل المسؤولية عوض أن تصبح مقر الأحزاب دكاكين لزعماء الأحزاب لبيع التزكيات عوض ان تكون مصانع لصنع القرار والرأي العام الوطني وخلق التوازن بين القوى السياسية الغائبة حاليا في الحياة الوطنية.

ج)نقطة أخيرة لا تخلو من أهمية وتؤثر في المجتمع المغربي بصفة سلبية وهي مسالة مبدئية المراقبة

والمحاسبة القانونية لمختلسي المال العام وإعادة النظر في مسالة الحصانة البرلمانية وتقنينها وجعلها تساير العصر لأنها حاليا معقدة وتشكل نقطة سوداء في المغرب. ومثال ذالك على ان الديمقراطية ليست بهرجة ولكن نظام حكم تسري قوانينه على الجميع. الرئيس الفرنسي السابق جاك شراك يمثل أمام المحكمة ليحاكم على الرغم من انه مطالب بتقديم استفسار عن المشاكل التدبيرية التي اقترفت عندما كان عمدة باريس منذ عشرين سنة. هكذا تكون الحياة الديمقراطية التي نريد لبلادنا حتى لا تتآكل حقوق مواطنينا. لو كانت الأحزاب الوطنية قوية وديمقراطية ذات برامج ومناهج لم قفزت عليها ثورة شباب 20 فبراير وجعلتها خارج التغطية السياسية. ما كان من جلالة الملك إلا أن استبق الأمر وانزل في خطابه يوم 9/3/2011 بشرى إعادة كتابة الدستور حيث اصبح رؤساء الأحزاب لا يعرفون بماذا ابتلوا.لنفهم أن صوت الشباب كان ابلغ من الأحزاب ولعل في ما قاله هؤلاء ابلغ مما كانت الأحزاب عاجزة عنه ( أيها الملك إننا نحبك وهذه مطالبنا) ليس هناك ابلغ من هذه اللا فتة التي فهمها محمد السادس وعمل مباشرة على الاستجابة لها لأنها صادقة ونابعة من قلب الشباب المحب له فوصلت الرسالة بطريقة البرق السريع والتقطها ورد عليها بنفس السرعة ولعل ذالك كان ابلغ من الف حزب من الاحزاب اياها.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire