mardi 7 février 2012

الزاوية القادرية البودشيشية. مدينة مداغ اقليم بركان


  إن موضوع الزوايا في بلادنا يطرح أكثر من سؤال في كنهيتها وموقعها في المجتمع المغربي من جهة والإفريقي من جهة أخرى باعتباره أسلوبا ذا نشاط ديني بشري بامتياز والحديث فيه قد يجر المرء إلى مناولته من جانبه الفلكلوري دون مراعاة الحساسيات   لهؤلاء القيمين عليها والمريدين والمنتسبين لها.عرف المغرب قيام نظام الزاوية منذ القدم وكان لها إشعاعات في الوسط المغربي أيام الاحتلال الأجنبي للبلد. وقد تعدى هذا الإشعاع توسعا في زماننا إلى بلدان إفريقيا جنوبا حيث وصل إلى السنغال والمالي والنيجر وغانا ثم إلى موريتانيا تمددا. الزاوية هي المكان الذي يجتمع فيه مجموعة من الناس على اختلاف ألوان بشرتهم وأشكالهم من وطن واحد أو من عدة أوطان وأمصار كما هو الشأن بالنسبة للزاوية التيجانية في مدينة فاس حيث يحج إليها الأفارقة سنويا لحضور مواسمها المهرجانية.في المغرب عدة زوايا  منتشرة في ربوع الوطن مثل الزاوية البقالية في الشمال والقادرية  البودشيشية في الشرق ضواحي مدينة بركان وبالضبط في مدينة مداغ . تعرف الزاوية هي مكان خاص بالتصوف أي أن القيمين و المنتسبين المريدين هم مجموعة من الناس رجالا وتساءا يقتسمون نظرة واحدة يشتركون فيها حول تصرف  ما من الناحية الدينية تصوفا. وهذه أخلاق محمودة إذا لم تخرج عن الخط التصوفي الرباني الخالص للذكر والحديث وتلاوة القران الكريم والصلاة على النبي المختار الذي أريد لها. مداغ مدينة صغيرة جدا وهي التي كانت تعرف أيام حقبة  الاحتلال الفرنسي الذي انشاها ب (كافي مور) ومعناها مقهى العرب. وهذه المدينة الصغيرة هي مقر الزاوية القادرية البودشيشية التي يتزعمها الشيخ حمزة  القادري البودشيشي. التصوف هي طريقة التقرب إلى الله عز وجل بالا مداح والسماع وتلاوة القران الكريم والحديث. نعم جاء في بعض المواقع الالكترونية أن عدد المنتسبين والمريدين تجاوز 140 ألف نسمة.وهذا في جد ذاته عدد كبير بحيث تنظيم تظاهرة بهذا الحجم ليست في متناول الزاوية لوحدها. والمدينة الصغيرة لا يمكن لها استيعاب هذه الأعداد الضخمة و الكبيرة من البشر الزائر ولذالك جندت لغرض الأمن فرق من الدرك الملكي والقوات المساعدة وشركة خاصة للأمن وفرق خاصة ذاتية مكونة من شباب المريدين والمنتسبين  المتطوعين .نصبت على غرار ذالك خيام للطعام والشراب إلى جانب إنشاء سوق محلية بالمناسبة لتسويق منتجات مختلفة يحتاجها الزوار الوافدون.كما أن ضريح المختار القادري البودشيشي الشيخ الأسبق للطريقة كان محط زيارة الوفود .تقام في الضريح الامداح والسماع إلى جانب تلاوة القران الكريم.بصفة عامة ومختصرة هذه أهم ما يمكن قوله عن الطريقة القادرية  البودشيشية. من جهة أخرى أرى أن لابد من عدم تجنب الملاحظات التالية عن هذا المهرجان السنوي. الرحال لا تشد إلا إلى ثلاث مساجد. المسجد الحرام بمكة المكرمة و المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة والمسجد الأقصى القدس الشريف ولم تذكر الزاوية البودشيشية. كما أن سؤالا منطقي في موضوعنا لا يمكن تجنه كذالك لمواجهة هذه الأعداد الضخمة من الناس لابد من وجود ميزانية ضخمة لإطعام وإسكان المنتسبين والمريدين. وربما من قائل أن التبرعات قد تكون هي الحل الذي يلجا إليه شيخ الطريقة. ممكن إذا علمنا أن الزاوية لها مكاتب في أوروبا لاستقطاب مريدين جدد من أجناس و أوطان مختلفة. يلاحظ كذالك ان الزاوية المذكورة أخذت في التوسع  والانفتاح على الخارج في بادرة نادرة من اجل الاستقطاب  والدعوة لاعتناق الطريقة البودشيشية القادرية على حساب باقي الطرق والزوايا المغربة المنتشرة عبر الربوع الوطني. كما أن إنشاء مجمع الفقه المالكي في باريس(فرنسا) لدعم المالية الإسلامية كاجتهاد لنشر مفهوم البنك الإسلامي لنيل قصب السبق في هذا المجال. هل أصبحت هذه الزاوية مدعومة  ضد العدل والإحسان و حركات الإسلام السياسي على الرغم من تأكيد أن الطريقة صوفية  كونية ربانية غير موجهة ضد أي جماعة أو فئة أو مذهب أو شريعة أو فرد. الدولة الحديثة تقوم بمهامها دون ما حاجة إلى استغلال نفوذ الزاوية كيف ما كان نوعها وطاقتها. ومن اجتهادات القيمين على الطريقة والناطق باسم أهل الزاوية أنها دعت إلى التصويت على الدستور على الرغم من انه كانوا يريدون أن ينص صراحة على العقيدة الاشعرية والمذهب المالكي والفقه السلفي والتصوف الجنيدي كملاحظات عليه وكدستور للدولة على الرغم من أنهم لا يحبذون كلمة دستور لان في القران الكريم كل أحكام الدين والدنيا حسب قولهم .  من واجب رد الحق لأصحابه فان تنظيم تظاهرة بهذا الحجم لا تخف حجم المالية التي وضعت رهن لجنة التنظيم. كما انه من باب الاستنتاج في قراءة إمكانية هذه الزاوية لن يكون من الغرابة إذا ما أنتجت هذه الزاوية حزبا سياسيا إسلاميا على غرار العدل والإحسان او العدالة والتنمية نظرا لان الأطر ذات تكوينات في الداخل والخارج متوفرة بشكل ملفت للنظر. وبما يكون هذا الرأي من الاستراتيجيات المستقبلية للطريقة. وأخيرا لا بد من القول ان جموع القيمين والمنتسبين والمريدين والمتعاطفين والزوار بلغ 140 ألف نسمة لم تبلغه حتى اقوي اللقاءات الرياضية أو المهرجانات  الكبرى في المغرب أمثال موازين أو مهرجان مراكش أو غيرهم. هذه الظاهرة الزاوية القادرية البودشيشية المداغية لا تفسر لا على أنها لها من الأطر والمنظمين رجالا ونساءا اكفاءا وطبعا  هذا ينم على الإمكانيات المالية الضخمة المتوفرة لهذه الزاوية على العكس مما يتوفر لغيرها. أرى أن تأثيرها كحزب يكون اكبر لان الطبقة المتوسطة و ما دونها متوفرة بشكل كبير والتوجيه يكون اكبر لان صوت القيمين لا يرد ولا يناقش حسب معلوماتي البسيطة.  إذن كنتيجة حتمية إذا ما تحولت الطريقة أو انبثق عنها  حزب سياسي  فسيحصد الأصوات المعبر عنها مع العلم أن الرواد موجودين في داخل الوطن وخارجه وهذا في حد ذاته امتياز يصب في صميم إنجاح الحزب المستقبلي للحركة. وفي الأخير تبق  ظاهرة الزاوية القادرية البودشيشية المداغية الأكبر في المغرب نظاما وتدبيرا  في مجالها بدون منازع  لان الاستمرارية ظهرت الآن قبل وفاة أو عجز شيخها مما يعني أن أمر  الوراثة قد حسم وانتهى الأمر  درءا لكل تأويل مستقبلي أو انفجار آراء قد تعصف بالزاوية في غياب شيخ الطريقة  الحسم في هذه المسالة الوراثية تحسب له.