vendredi 18 février 2011

عائد موهوب الراحل الصامت

كثيرا ما يفاجأ الفرد منا بخبر وفاة إنسان إما ينتمي إلى العائلة أو ينتمي إلى الحياة العمومية كأستاذ أو سياسي أو فنان كما هو الحال بالنسبة إلى هرم المسرح المغربي بدون منازع. كثيرا ما ينزل الخبر كالصاعقة على المتلقي رغم أننا نؤمن بالقدر شره وخيره . ولا يسعنا إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون. الأستاذ الفذ المرحوم عائد موهوب . ولد عائد في 22/نونبر/1930 بالبيضاء نشا في درب السلطان وهو من أهم الأحياء الشعبية في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء .إلى حدود 16 من عمره اشغل في النجارة ولكن لم يعمر فيها لان سلطان الفن كان قد سكنه لذالك اتجه إلى ما كان رحمه الله يهوى وهو امتهان الفن والتفرغ له غير مبال ما إذا كان هذا الفن يؤمن له مستقبله ويعينه على أعباء الحياة المادية الضرورية لبناء أسرة كسائر الناس في المجتمع المغربي لأنها طبيعة البشر وسنة الله في خلقه. أنا لم أتشرف بمعرفته شخصيا ولكن تعرفت عليه من الأعمال التي كان يقدمها سواء على مستوى السينما أو المسرح حيث كان يمتاز عن غيره بالشخصية القوية ويفرض عليك احترامه ويؤدي دوره بمهنية عالية وكان الرجل يتقمص الشخصية إلى حدود أن المتتبع له لا يخاله يمثل ولكنه يعيش هو أولا الشخصية ثم يتقمصها و يبهرنا بها أداء مسرحيا عالي الجودة. كنت أراه أسدا مانعا فوق الخشبة ومثله قلة قليلة جدا لان حب هذه المهنة إن جاز التعبير اخذ منه مأخذه. عائد موهوب كان اسما على مسمى . لم يطعن احد في أخلاق أو سيرة الرجل لا من الأصدقاء ولا من المهنيين.ولعل هذه الأخلاق العالية جعلته محبوبا من الجميع . كان آخر عهد لي بالرجل عندما كرمته القناة الثانية وقد اجمع الجميع واثني عليه الكل بالكلمة الطيبة. والسؤال هنا هل اخذ الرجل حقه من العمل؟ هل مدت له يد المساعدة عندما احتاجها؟ هل كان الأصدقاء بتلك الأريحية؟ للجواب لابد من نبش في الحياة المهنية للرجل. عاش الرجل 81 سنة منها 65 سنة في كواليس المسارح والتلفزة والسينما ومع ذالك لم يكن ذالك الرجل الذي عاش مرتاحا ماديا . بالعكس قضى جل حياته في ضيقة مادية مؤلمة خاصة ان الرجل كان التزامات عائلية عليه الوفاء بها. قيل لي انه كان ياتي يوميا من درب السلطان الى المدينة الجديدة مشيا على الأقدام لأنه لا يملك ثمن الطاكسي أو الحافلة الحضرية. ماذا عسى الإنسان أن يقول؟ لله درك من رجل عصامي.كان رحمه الله مدرسة قائمة الذات والى اليوم لازال بعض من الذين تتلمذوا على يديه هو أبوهم الروحي .لعب أدوارا كثيرة ومختلفة وأتقنها وكان فيها ينال التصفيقات الطويلة من الجماهير لان عائدا موهوب كان كذالك. لكنه لم ينل من الدنيا ما يجعله مرتاحا ماديا لقد صارع الحياة وخبرها فلم تشفع له أدواره المسرحية ولا السينمائية وترحمه من ضيفة الحياة. رغم ما جلب للجماهير من الأفراح والمسرات ونسيان مشاكلهم ومسرحياته كانت ثقافية بالدرجة الأولى سياسيا واجتماعيا. والان عاش الرجل الفنان القدير في صمت ذو نفس عالية لم يكن يطلب إلا العمل ولكن المسئولين عن الثقافة في وطننا لم يعيروا لعائد ولغيره من الشموع التي إما احترقت أوفي طريقها إلى الاحتراق دون علم وزارة الثقافة المسؤولة على القطاع. كانت له عزة الفنان الكبير وكان دمث الأخلاق فلم يكن ذالك الرجل الذي يشكي بلواه إلا إلى الله. بعد ستة عقود ونصف من العمل المسرحي هاهو الرجل الهرم الشامخ والأسد الفذ والرجل المتواضع يموت في صمت بعد أن عانى في صمت كذالك.لله ذرك من رجل.لبى عائد موهوب نداء ربه وانتقل إلى جواره يوم الثلاثاء عن سن جاوز بها ثمانية عقود. ومع ذالك يبقى السؤال المشروع ماذا ستفعل الوزارة الوصية للفنانين الأحياء الذين يعانون في صمت ولا حول لهم ولا قوة؟ رحم الله عائد موهوب شهيد المسرح المغربي .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire